قراءة بين النجوم

عتمة الليل تتسلل بهدوء إلى أرجاء المكان .. والناس هنا في سكون لكنهم ليسوا نيام .. كانت الأضواء الخافتة التي تنبعث من بين شقوق الخيام كافية لتمييز ما يحصل بالداخل لأصحابها .. تأوهات وهمهمات تسكن الأجواء وأزيز ينتشر بين الخيام ودوي كدوى النحل ما بين صلاة وركوع وقيام .. وتراتيل القراءة والدعاء تقطع أنفاس الليل .. ومشاعر متداخلة من القلق والانتظار والفرحة تتسرب بين الأنفاس المترقبة ..

وهو واقف على باب الخيمة يحدق في سقف السماء .. يبدو كمن يقرأ شيئاً مكتوباً بين النجوم .. إنه يقرأ قدره وقدرهم معه .. بينما هي على مقربة منه تتطلع إليه باستغراب ..

كان قد اجتمع بهم قبل لحظات وأطلعهم على المصير الذي ينتظره ، فهو يعرف بأنه قدره لا محالة .. لذا لم يخفي عنهم حقيقة الأمر ولم يجبرهم على شيء فالقوم يريدونه هو دوناً عن غيره .. لهذا خيرهم بين البقاء معه والفوز بالجنة، وبين الحراك عنه خلف أستار الليل ليكون رداءاً واقياً لهم وينجوا بأنفسهم، بحيث لا يراهم عندما يرحلون عنه فهم في حل من أمره ..

لكنهم رفضوا أن يصحبوا أرواحهم دوناً عن روحه فإما أن يحيوا معه وإما أن يستشهدوا بين يديه ..

وكانت أنفسهم تحدثهم :

"بماذا سيجيبون جده حين يسألهم عن نصرته و ما عذرهم لديه ؟ " .. لذا أقسموا وشددوا على قسمهم وتعاهدوا على عدم تركه حتى يقدموا أرواحهم فداءاً دونه ..

عرف أنهم جادون في صدق نواياهم وطهارة أرواحهم .. كما عرف بأنهم خير الأصحاب له .. فدعا لهم وهم الحواريون وبشرهم بالجنة ..

تركوه بعدها ليكسروا أنفاس الليل بالدعاء والعبادة بعد أن تيقنوا من مصائرهم ولذا راحوا يغتنمون ساعاته .. فغداً هو شمس يومهم الأخير وهذه الليلة غنيمتهم من وجه الدنيا بعدها سيبقون في عالم الخلود حيث وعدهم الذي وعدوا به ..

بقي يراقب الأجواء من حوله باطمئنان ، ويستمع إلى أنفاس الإيمان تخترق سكون المكان وهي لا تزال معه بداخل الخيمة .. تحدثه بمخاوفها فيصمت ..

عليه أن يُبلغها فهي التي ستقوم بدور آخر مكمل ومتم لدوره .

نظر إليها برقة يحملها قلبه الكبير نحوها .. إنها أخته "زينب" التي تُكن له في صدرها مشاعر خاصة منذ الطفولة .. فلم تكن تسكن إلا بقربه وحين يغيب تحن إليه وتبتهج برؤيته .. إنه بواقي آمالها من الدنيا بعد رحيلهم عنها ..

لقد أطلعها على ما ينتظره وما سيجري بعده ، فبكت حين غشيتها أسراب من سحب الحزن الغائم حتى كادت تفضحها شهقاتها وأنفاسها الكسيرة وسط الليل الجاثم .. وتساءلت لماذا يصنعون ذلك بنا وبأنفسهم .. ولماذا يتحدون الحقيقة وهي واضحة في أعينهم كالشمس تماماً .. لماذا يُصرون على كسر النور بالظلام ، تذكرت جدها وأمها وأباها وأخاها الحسن (ع) وإن رحل عنها أخيها "الحُسين" اليوم فمن سيتبقى لها من بعده ،، وعرفت بعدها لماذا كان واقفاً على باب الخيمة يتطلع في النجوم وكأنه يقرأ قدره فيها .. اعتصرت قلبها غصة أخرى فبكت وهي تجمع شتات نفسها .. طمأنها بقوله :

- "لا يذهبن بحلمك الشيطان ، تعزي بعزاء الله ، واعلمي أن أهل الأرض يموتون وأهل السماء لا يبقون ، وكل شيء هالك إلا وجهه ، ولكل مسلم برسول الله أسوة حسنة" .

صمتت بعد أن امتلأ قلبها باليقين ولفَّت صبرها بسحب الإيمان .. بل راحت هي الأخرى تراقب السماء لتقرأ بواقي القصة بين النجوم ..

موضوع راااااااااااائع

عشق

سلمت اناملك الراائعه

والله يعطيك الف الف عافية

غيداااااااااء

أسعدنى حضورك القدير

دمتى بخير

ياسمين الشاعر

أسعدنى حضورك القدير

دمتى بخير

أيات الله
أسعدنى حضورك القدير

دمتى بخير